التطورالتاريخي لمفهوم تقنيات التعليم

مقدمــــــــة

نعيش اليوم عصر التكنولوجيا التي غزت معظم مجالات حياتنا وأصبحت جزءا لا يتجزأ من واقعنا، وأصبح الأخذ بها من الأمور الفردية وفقا لما يحدث في عالمنا المعاصر، وإذا كانت التقنيات الحديثة غزت حياتنا العادية فإنها غزت أيضا حياتنا الرياضية وذلك لتساعد المعلم والمتعلم على إبراز أفضل ما لديهم من قدرات بشرية طبيعية من خلال تحسين الأداء وتطوير أساليب التدريس.

ويتميز هذا العصر بالتغيرات السريعة الناتجة عن التقدم العلمي وتكنولوجيا المعلومات والتي جعلت من العالم قرية صغيرة فزادت الحاجة إلى تبادل الخبرات مع الآخرين ، وحاجة الطالب إلى بيئات غنية متعددة المصادر للبحث والتعلم الذاتي ، مما يتطلب إعادة النظر في نظم المؤسسات التعليمية من بيئات وطرق وأساليب جديدة للتعليم والتعلم، فظهر مفهوم التعليم الإلكتروني كأسلوب من أساليب التعلم في إتاحة المعلومة للمتعلم باستخدام التقنيات الحديثة المتمثلة في الكمبيوتر، الإنترنت والوسائط المتعددة، الأقراص المدمجة، والبرمجيات التعليمية، البريد الإلكتروني.

لذا أصبح من الضروري مواكبة العملية التعليمية لهذه التغيرات، ومواجهة المشكلات الناجمة عنها خلال أنماط وطرق تعلم تتناسب مع طبيعة العصر، ولعلنا نتفق أن مشكلات التعليم نجمت عن عدة عوامل تتمثل في " التدفق الطلابي – نقص الموارد – ارتفاع التكاليف – عدم مناسبة النتائج المحققة – جمود النظام التعليمي. ولعل المخرج المناسب من هذه المشكلات وغيرها هو معايشة التطورات التكنولوجية العالمية وتطور الأساليب والطرق التعليمية التقليدية التي تعتمد على التلقين والتسميع وتعتمد جميعها على المعلم، والتعويض عنها بتكنولوجيا التعليم الحديثة لنشر دعم وتنمية ثقافة المعرفة والإبداع والابتكار والإنجاز الفردي ودعمه كالتعليم الإلكتروني Electronic Learning التي يسير فيها المتعلم حسب طاقته، وقدراته وسرعة تعلمه، ووفقا لما لديه من خبرات، ومهارات سابقة دون أي قيود زمنية، أو مكانية وأصبح التزايد المعرفي في الآونة الأخيرة من أفضل سمات عصرنا الحالي في شتي العلوم والمعارف، لذلك يجب أن نهيء المتعلم ذهنيا ونفسيا لمسايرة وملاحقة ذلك التزايد المعرفي ولتحقيق ذلك بصورة أفضل يكون بالتركيز على المفاهيم التي هي مفاتيح المعرفة.

ويعتبر التعلم من خلال تجارب خبره حيه ومباشره من أفضل انواع التعلم، ومن امثله ذلك ما اتبعه سقراط في تعليم تلاميذه اذ كان يخرج بهم الى الاماكن الطبيعية لكي يستمعوا الى الناس ويناقشوهم في آرائهم وفي اساليب حياتهم. الا انه بمرور الزمن ازدادت الحياة تعقيد وخاصة في وقتنا الحاضر حيث انه من الصعب توفير هذا النوع من الخبرات لوجود عوائق كثيره مثل البعد الزماني والبعد المكاني وكثرة النفقات وكبر حجم الاشياء المطلوب دراستها وخطورتها على حياه الطلاب، من اجل ذلك كانت هناك حاجه ماسه الى توفير خبرات بديله للخبرات المباشرة وتساعد في عمليه التعلم فظهر ما يسمى بالخبرة غير المباشرة وفي هذا النوع من الخبرات يتم التعلم عن طريق وسائل تعليميه تربطهم بالواقع.




التطورالتاريخي لمفهوم تقنيات التعليم

المرحلة الاولى:

             بدأت تكنولوجيا التعليم بالاعتماد على الحواس وخاصه حاسة السمع ولذلك أطلق عليها الوسائل السمعية Audio Aids مثل البث الاذاعي المسموع والتسجيلات الصوتية.

             ثم تم الانتقال الى الاهتمام بحاسة البصر، ولذلك أطلق عليها الوسائل البصرية audio instruction وعرفت بالتعليم البصري، وبعد ذلك تم الاهتمام بالحاستين السمعية البصرية Audio Visual وفي هذه المرحلة تم الانتقال الى التعليم السمعي البصري.

المرحلة الثانية:

             أطلق على هذه المرحلة مسمى معينات التدريس Teaching Aids او المعينات التعليمية وتلك التسمية نبعت من استعانة المعلم لتلك الوسائل وبالتالي فهي تعين المعلم في الموقف التعليمي لتحقيق الاهداف المرجوة من تغيرات مطلوبة في سلوك المتعلم. ولم تستمر هذه التسمية طويلا بسبب عدم شمولية المفهوم ثم أطلق عليها مفهوم وسائل الايضاح وذلك لتوضيح فكره معينه او نظريه، وهذه التسمية ثانوية لارتباطها بالمعلم أكثر من اعتمادها على حاجات المتعلم حيث أن هذه التسمية اعتمدت على أن المعلم هو المحور للعملية التعليمية.

المرحلة الثالثة:

             نتيجة التطور الكبير والسريع للعلوم التطبيقية أدى ذلك التطور الى ظهور نظريه الاتصال التي فعلت دور المتعلم في الموقف التعليمي، وعرفت تكنولوجيا التعليم في هذه المرحلة بوسائل الاتصال حيث أن الاتصال هو وسيله الربط في كافه مجالات الحياة، وشملت الوسائل التعليمية كل جوانب العملية التعليمية من اهداف ومحتوى مواد وتقويم الى ...الخ، ومن أمثلة ذلك تكنولوجيا التعليم المستخدمة في العملية التعليمية مسرحه المناهج والكمبيوتر ....الخ.

 وتم الإشارة أن مصطلح تكنولوجيا التعليم مر بعدة مراحل هي:

مرحله الملاحظة observation stage:

 وهي مرحله خاصة باستخدام الحواس الخمس في جمع البيانات والتعلم بصوره عامه.

مرحله الرموز والاشارات signal stage:

            وتتمثل وسائل الاتصال في هذه المرحلة في الرموز والاشارات والأصوات، وفق ما تقتضيه ظروف الإتصال بين انسان واخر مثل استخدام حركات معينه، او اشعال النار، او قرع طبول، او استخدام اشارات اليد.

مرحله المعينات البصرية visual aids:

             برغم من محاولات بيتا حارس اليوناني (500 ق.م) في شرح نظريات الهندسة باستخدام الخطوط على الرمال الا ان هذه المرحلة بدأت فعليا في اوائل القرن الخامس عشر تقريبا وامتدت حتى القرن الثامن عشر، وظهرت هذه المرحلة كرد فعل لاستخدام طريقة التلقين في المدارس، واتسع مفهوم استخدام الحواس الخمس ودورها في عمليه التعلم، كما ظهرت في هذه المرحلة عدد من التربويين مثل: ايراسموس الهولندي 1466 - 1563الذي اكد على تعلم اللغات بالمحادثة مع اصحابها وليس بتعلم القواعد فقط، وكومنوس التشيكوسلوفاكي 1592-1670  الذي دعا الى حريه استخدام جميع انواع الوسائل البصرية مثل: الرسوم البيانية والنماذج والخرائط والرسم ..الخ، كما برز في هذه المرحلة جان جاك روسو الفرنسي 1692-1778 الذي اكد على التعلم عن طريق الملاحظة المباشرة للأشياء، وايضا بستالوزي السويسري 1746-1827 الذي اهتم بالانطباعات الحية والخبرات الواقعية في التعلم.

مرحله المعينات السمعية والبصرية audio visual aids:

            ظهرت هذه المرحلة بظهور الثورة الصناعية حيث كان لهذه الثورة دور كبير في تطور مفهوم الوسائل التعليمية، حيث وفرت الكثير من المصادر المعرفية. وفي هذه المرحلة تطور شكل الطباعة والرسوم والصور وتنظيم المادة وظهرت آلات التصوير الفوتوغرافي، والسينمائي وأجهزة عرض الشرائح الشفافة وأجهزة عرض الافلام الثابتة والمتحركة وأجهزة التسجيل الصوتي واستعين بهذه الوسائل في عمليه التعليم، وأطلق عليها المعينات السمعية والبصرية وبرزت في هذه المرحلة المدرسة التقدمية 1920-1930 التي اعتمدت على منهج النشاط واهتمامات المتعلم.

مرحله الوسائل التعليمية Instructional Media:

             ظهرت هذه المرحلة مع بداية القرن العشرين، ولقد ظهرت مع ظهور الحاجه الى المزيد من البحث والاستقصاء في مجال الاتصالات لمواكبة متطلبات الحرب العالمية الثانية، فطورت وسائل اتصال مثل الراديو والتلفزيون، وتم توظيفها في عمليه التعليم، وتكوين اتجاهات معينه لدي الافراد من خلال هذه الوسائل، وكذلك اثراء المواقف التعليمية المختلفة بتفاعلات صفية فعاله، الامر الذي دفع الباحثين الى الاستعانة بنظريات علم النفس التعليمي، وأسسه لتحقيق نتائج تعليمية مرغوبة، وتم التخلي عن مفهوم المعينات السمعية البصرية، وحل محلها مفهوم الوسائل التعليمية، واصبحت ضرورة في كل مؤسسة تعليميه، ولكل معلم، واصبح لها اسس عند اختيارها، وأسس عند استخدامها.



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -