مقدمــــــــــة:
لم يشهد عصر من العصور التقدم التكنولوجي
الذي يشهده هذا العصر في نواحي متعددة، ومن أهم أوجه هذا التقدم، الثورة الهائلة التي
تمثلت في ظهور العديد من المستحدثات التكنولوجية في المجال التعليمي، والتي أصبحت محور
الاهتمام من قبل الكثيرين وذلك لبيان جدواها وطرق الاستفادة منها في العملية التعليمية.
ولقد كان من الطبيعي أن تتأثر عناصر المنظومة
التعليمية بتلك الثورة التي حدثت في مجال المستحدثات التكنولوجية حيث تغير دور المعلم
والمتعلم، كما تأثرت المناهج بأهدافها ومحتواها وأنشطتها وطرق عرضها وتقديمها، كما
تغيرت أساليب التعليم واساليب التعلم وظهرت العديد من المفاهيم الحديثة في ميدان التعليم
ارتبطت بالمستوى الإجرائي والتنفيذي للممارسات التعليمية بصفة خاصة، وكنتاج لذلك ظهر
التعليم الإلكتروني - E-learning، التعلم من بعد Distance learning، الوسائل المتعددة Multimedia، والمقررات الإلكترونية، والجيل الثاني للتعلم
الإلكتروني، ورحلات الويب المعرفية، والحوسبة السحابية، والقصص الرقمية، والمتاحف الافتراضية،
والويب الدلالي ...... وغيرها من المفاهيم المرتبطة بالمستحدثات التكنولوجية في مجال
التعليم.
لذلك أصبح من الضروري تحديد طرق الاستفادة
من المستحدثات التكنولوجية في المجال التعليمي وذلك للاستفادة من الإمكانيات الهائلة
لتلك المستحدثات والتي تتمثل في قدرتها على تنمية أجواء تعليمية ملائمة لإنجاح العملية
التربوية، فضلا عما تقلله من الأعباء التعليمية التي يقوم بها المعلمون، کما لها من
الإمكانيات ما يجعلها قادرة على إحداث التطور والتجديد في النظام التعليمي، وعلاج الكثير
من مشكلات التعليم مثل: مشكلة الانفجار المعرفي
والانفجار السكاني ومحو الأمية، بل يمكن أن تمنع تسرب كثير ممن يحتمل تسريبهم من التعليم
وصار الاستثمار الكامل لمستحدثات تكنولوجيا التعليم امرا ضروريا لا غنى عنه وتجاهله
قد يؤدي إلى إعاقة العملية التربوية أو على الأقل يبقيها أقل تقدما ما يمكن أن تكون
عليه.
وإذا كان الهدف النهائي للتعليم هو التحسين
المستمر للوصول إلى إتقان المتعلمين لمعظم المهارات وتحقيق غالبية الأهداف التربوية،
فإن هذا قد تحقق جزئيا في ربع القرن الماضي عن طريق استراتيجيات التعليم والتعلم للإتقان
إلا أن هذه الاستراتيجيات لم تكن تحقق ما كان ينتظر منها حيث كانت تمثل عبئا كبيرا
على المعلم يستحيل معه تنفيذها بالكامل في ظل الظروف الراهنة من مقررات و صفوف وخطة
زمنية ...، وعندما دخلت المستحدثات التكنولوجية ميدان استراتيجيات التعليم والتعلم
للإتقان فتح المجال مرة أخرى لتحسين التعليم والتعلم.
ومن هذا المنطلق ظهرت عديد من البحوث والدراسات
التي دعت إلى ضرورة التوظيف الفعال للمستحدثات التكنولوجية في العملية التعليمية لما
لها من مزايا عديدة وعوامل إيجابية.
مفهوم المستحدثات التكنولوجية:
عند التعرض للآراء التي تناولت تعريف
المتحدثات التكنولوجية نجدها قد تباينت في تحديد معناها، حيث ذهب بعض الأراء إلى
أن هذا المصطلح يصعب تعريفه على نحو إجرائي دقيق بينما اجتهدت بعض الأراء الأخرى
في وضع تعريف محدد لهذا المصطلح.
ومن بين الأسباب وراء الغموض الذي
يكتنف هذا المصطلح هو ظهور العديد من التقنيات لهذه المستحدثات التكنولوجية
وتغلغلها في حياتنا اليومية، وهي تتفاوت من البساطة إلى التعقيد والتداخل والدمج
بين أكثر من مصدر تعليمي، ومنها الوسائل المتعددة والوسائل الفائقة والنصوص
الفائقة والإنترنت والأقمار الصناعية.
كما
أن هذا التباين في الآراء ناتج لعدة أسباب ومنها:
- أنه يصعب تحديد مفهوم المستحدثات التكنولوجية بشكل مطلق کما يصعب تحديد مستوياتها، وذلك لأن مواصفات الشخص المستخدم لتلك المستحدثات تختلف من بلد لآخر ومن وقت لآخر في البلد الواحد، فعلى سبيل المثال نرى أن استخدام الحاسوب في بعض الدول النامية يعد نوعا من الترف والرفاهية والتقنية، في حين يمثل استخدامه في بعض الدول المتقدمة جانبا أساسيا مثل: تعليم الكتابة والقراءة في عالمنا العربي.
- يتغير المستحدث التكنولوجي بتغير الزمن،
فما كان يمثل قمة التقنية منذ عشر سنوات أصبح الآن من مخلفات التقنية، ويرجع ذلك
إلى تراكمية العلم والتقنية والتطور المستمر والمتلاحق فيهما.
- تتأثر قدرة الفرد على استخدام المستحدثات
التكنولوجية في أي مجتمع بالتطورات العلمية العالمية كما يتأثر كذلك بالعوالم
المحلية من حيث طبيعة الحياة في المجتمع والقيم والعادات والتقاليد والمشكلات التي
تعترض المواطن في أمور حياته اليومية.
وبالرغم مما سبق من تباين في الآراء
حول تحديد مفهوم المستحدثات التكنولوجية فقد اجتهد العديد من الباحثين في وضع
تعريفات للمستحدثات التكنولوجية ومن هذه التعريفات:
- مجموع التقنيات أو الأدوات أو الوسائل أو النظم المختلفة التي يتم توظيفها لمعالجة المضمون او المحتوى الذي يراد توصيله من خلال عملية الاتصال الجماهيري أو الشخصي او التنظيمي أو الجمعي، والتي من خلالها يتم جمع المعلومات والبيانات المسموعة أو المكتوبة أو المصورة أو المرسومة أو المسموعة المرئية أو المطبوعة أو الرقمية، ثم تخزين هذه البيانات والمعلومات تم استرجاعها في الوقت المناسب ثم عمليه نشر المواد الاتصالية او الرسائل أو المضامين مسموعة، او مسموعة مرئية أو مرئية أو مطبوعة أو رقمية ونقلها من مكان إلى مكان آخر، وتبادلها وقد تكون تلك التقنيات يدوية أو إليكترونية او كهربائية حسب مرحلة التطور التاريخي لها والمجالات التي يشملها هذا التطور.
- الاكتشافات والاختراعات التكنولوجية بما تتضمن من اجهزة تكنولوجية ومواد وبرامج تكنولوجية والتي يمكن إدخالها في العملية التعليمية بالمدارس والكليات والمعاهد تماشيا مع التغيرات العلمية والتكنولوجية المتنامية والمتسارعة.
- فكرة أو عملية او تطبيق او شيء جديد من وجهة نظر المتبني لها، كبدائل جديدة تمثل حلولا مبتكرة لمشكلات النظام القائم، وتؤدي إلى تغيير محمود في النظام كله او بعض مكوناته، بحيث يصبح أكثر كفاءة وفعالية في تحسين النظام وتحقيق أهدافه وتلية احتجاجات المجتمع.
- فكرة أو منتج تأتي في صورة نظام متكامل أو نظام فرعي لآخر متكامل لتكون بمثابة حلول إبداعية ومبتكرة لمشكلات التعليم فتعمل على زيادة فعاليته وكفاءة المواقف التعليمية المستخدمة فيها عندما يتم توظيفها بطريقة منهجية نظامية.
- كل ما هو جديد وحديث في مجال توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية من اجهزة وآلات حديثة وأساليب تدريسية بهدف زيادة قدرة المعلم والمتعلم على التعامل مع العملية التعليمية.
- تصميم وإنتاج واستخدام كل جديد في مجال تكنولوجيا التعليم بغرض تحقيق اقصى فعالية في مواقف التعليم والتعلم وحل مشكلات التخصص التعليمية.
- كل الوسائل والمعينات والاجهزة الحديثة وأساليب تقديمها، والتي يتم توظيفها في التعليم لتحقيق أهدافه ومواكبة التغيرات العصرية المتلاحقة.